المادة المضادة

بواسطة Unknown بتاريخ الأحد، 20 أبريل 2014 | الأحد, أبريل 20, 2014

نعرف جميعاً بالطبع المادة، فهي كل ما له كتلة ويشغل حيزاً من الفراغ، بما في ذلك الانسان وكل الكائنات الحية.
ولكن هل سمعت سابقاً عن المادة المضادة؟
قد يكون هذا المصطلح مألوفاً لك بعض الشيء من قصص وأفلام الخيال العلمي، لكن ما هي حقيقة هذا اللغز الذي أثار خيال العلماء والروائيين في كل مكان حول العالم؟
وإذا كانت المادة تحيط بنا في كل شيء فأين ذهبت المادة المضادة؟
وهل يوجد حقاً كواكب ونجوم ومجرات في الكون تتكون من المادة المضادة؟
وماذا يمكن أن يحدث إذا التقت المادة بالمادة المضادة؟
سنجيب على كل هذه الأسئلة وغيرها من خلال سلسلة من المواضيع التي سنستعرض فيها 10 حقائق علمية عن المادة المضادة قامت قناة Discovery بنشرها على موقعها الإلكتروني، حيث قمت بإعادة صياغتها بأبسط شكل ممكن لنستطيع استيعاب هذا الجزء المحير والمثير من كوننا. ولنبدأ بالحقيقة الأولى:
hubble-space-telescope-images-14
1.نظرية أينشتاين بالعكس:
إن أحد أكبر الإنجازات العلمية لأينشتاين في تاريخ البشرية هو قانونه الشهير:
E=mC^2
حيث أثبت أن الطاقة تساوي الكتلة في مربع سرعة الضوء. والتي تعني ببساطة شديدة أن الكتلة (أنا وأنت وكل شيء حولنا) يمكن أن يتحول إلى طاقة والعكس. حتى جاء العام 1928 حين عدل العالم البريطاني باول ديراك نظرية أينشتاين ليقترح وجود البوزترون ، وهو عكس الإلكترون.
ولنستوعب ذلك لنتذكر معاً أن أي مادة تتكون من عدد كبير من الذرات، هذه الذرات تتكون بدورها من بروتونات موجبة الشحنة وإلكترونات سالبة الشحنة ونيوترونات متعادلة. وهي أحد الحقائق الأساسية التي تعلمناها جميعاً في مادة العلوم ، ولكن ما جاء به ديراك هو اثباته أنه يوجد إلكترونات موجبة الشحنة !!
وهذا يعني أن لكل جزيء معروف جزيء  معاكس له يحمل شحنة معاكسة!
ثم وبمرور الأيام أثبت العالم الأمريكي كارل أندرسون وجود المادة المضادة في العام 1932 حين اكتشف البوزترون أثناء دراسته الأشعة الكونية.
ودعم هذا الإثبات في العام الذي يليه الفيزيائي البريطاني باتريك بلاكيت والإيطالي جوسابي أوكياليني.
2. لغز اختفاء المادة المضادة:
إذاً فقد اتفقنا على أن لكل جزيء من المادة جزيء مضاد معاكس له في الشحنة. كما ثبت نظرياً وعملياً. ولكن..
نعرف جميعاً أننا محاطون بالمادة في كل شيء حولنا. فأين ذهبت المادة المضادة إذاً؟
بل دعونا نذهب لأبعد من ذلك إذا علمنا أنه إذا التقت المادة بالمادة المضادة فإنهما يدمران بعضهما البعض تماماً. فلماذا لم تلتقي المادة بالمادة المضادة ليدمروا بعضهما في بداية نشأة الكون؟
وما يزيد الأمر غموضاً أن الفيزيائيين يقولون أن الانفجار الكبير الذي نشأ منه الكون أطلق كميات متساوية من المادة والمادة المضادة.
والحقيقة أنه لا يوجد إجابة واضحة لدى العلماء لهذا التساؤل، لكن توجد فرضية تقول أن المادة كانت أكثر بقليل من المادة المضادة، ولذا فنيت كل المادة المضادة مع الجزء الأكبر من المادة وبقي جزء صغير منها وهو الذي يتكون منه كوننا!!

ولذا وبناءاً على هاتان الحقيقتان لا تتخيلوا كم كانت دهشة العلماء في العام 1978 حين التقطت مجساتهم أشعة جاما ناجمة عن التقاء مادة بمادة مضادة قادمة من الفضاء!!!
hubble-space-telescope-images-3
حيث أظهرت الأشعة ذات الطاقة العالية وجود سحابة من المادة المضادة يبلغ عرضها 10,000 سنة ضوئية (أي ما يقارب الـ 3,000,000,000 كم !!!) وأين؟ في قلب المجرة!!
وظل العلماء لسنوات يبحثون عن حل لغز وجود هذه الكمية الكبيرة من المادة المضادة بعد أن ظن العلماء أنها اختفت عند نشأة الكون. وظللنا ننتظر إجابة لهذا اللغز حتى يناير من العام 2008 حين قام مرصد INTEGRAL وهو مرصد فلكي مختص بأشعة جاما تابع لوكالة الفضاء الأوروبية بإلقاء اللوم على الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية. فحين يموت النجم (في حالات معينة) ليتحول إلى نجم نيوتروني أو ثقب أسود (سنتحدث عنهما في موضوع منفصل) ينكمش على نفسه إلى الدرجة التي تسحق فيها مادته ويصبح ذو كثافة هائلة، لدرجة أنه لو تخيلنا أننا أخذنا مقدار ملعقة شاي من هذا النجم سيبلغ وزنها مليار طن!!!
ويتولد نتيجة هذه الظروف الخارقة مجال كثيف للغاية من الإشعاعات، ويعتقد العلماء في INTEGRAL أن هذه المجالات تتداخل فيما بينها بطريقة عشوائية لتولِّد الإلكترونات والبوزترونات.
hubble-space-telescope-images-61
لنُحطم بعض الذرات..
صحيح أن كارل أندرسون أثبت نظرياً وجود البوزترونات في العام 1932 (كما تحدثنا سابقاً) ولكن كان علينا الانتظار حتى العام 1955 لنشاهد البروتون الذي يحمل شحنة سالبة (البروتون المضاد) !!
كيف ذلك؟ الطريقة الوحيدة التي أمل العلماء في مشاهدته بها هي من خلال صناعته في المعمل!!، والطريقة بسيطة.. للحصول على بروتون مضاد عليك الحصول على مسرع جزيئات قادر على إعطاء ستة ملايين إلكترون فولت!! وهو ما حدث في العام 1954 حين حصل مجموعة من الفيزيائيين على مسرع بإمكانه القيام بهذه المهمة وهو البيفاترون في معمل لورانس بيركلي الوطني في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
ومسرع الجزيئات ببساطة هو عبارة عن جهاز يقوم بتسريع جزيئات المادة لسرعة تقارب سرعة الضوء ثم يقوم بصدمها مع بعضها البعض لسحق المادة إلى أبسط مكوناتها، ثم تقوم أجهزة رصد فائقة برصد هذه الجسيمات التي تظهر لأجزاء من الثانية لتحليلها، وحينها سيظهر هذا البروتون المضاد لمدة واحد على عشرة ملايين من الثانية قبل أن يصطدم ببروتون ويختفي الاثنان!!!
لم يستطع العلماء بالطبع مشاهدة هذا البروتون المضاد في هذه اللحظات فائقة السرعة ولكن استطاعوا ملاحظة آثار اصطدام البروتون المضاد بالبروتون وهو ما أثبت فعلياً وجود هذا الجسيم.

0 comments :

إرسال تعليق